“لا يجب أن نخاف من الظلام بل يجب أن نشعل شمعة…” هكذا دأب المؤرخون وهكذا ظلّ سعيهم، يضيئون كل ركن وكل زاوية من زوايا علم التاريخ. لهذا أردت أن أسير سيرهم، وأخطو خطواتهم بكل ما بها من صعوبات، بين لذّة البحث والظمأ ولو لجزء من الحقيقة. إنه بحث في حقيقة السياسة الاستعمارية الفرنسية بتونس، في المشروع الاستعماري برمته. ذلك البناء الذي حاول فهم أركانه على امتداد ثلاث أرباع قرن (1881 – 1956).

بدأ البحث مع برناروا (مرابط الكاف) في علاقته بالطرق الدينية، مهيأ البلاد والعباد لتدخّل استعماري فرنسي سلسل. وواصلت الأمر مع شارل مونشكور، ذلك الذي ثبّت أركان المشروع الفرنسي ونظّر لسياسة التوطين الزراعي. لأهتم بهنري دي مونتيتي المنشغل بأمر الحزب الجديد والعمل الوطني عموما، والذي سعى إلى رسم خطة لإضعافه. لأنتهي إلى شارل سومانية مهندس الانسحاب الفرنسي من تونس بأقل ما يمكن من الخسائر، مع ضمان تواصل مصالح فرنسا بالبلاد بعد الاستقلال.