لقد مثلت “باجة” منذ الحضور الروماني مرورا بالفترة الوسيطة والفترة الحديثة وإلى الحضور الاستعماري أهم المناطق التي كان يرتكز عليها اقتصاد البلاد ومداخيل الدولة الجبائية. وقد كانت باجة أيضا من أهم الجهات التي تزود التجارة الخارجية مع أوروبا مادة الحبوب وتناول جهة باجة بدراسة خاصة جاء تتمة لعدة دراسات خصت بالبحث بقية جهات البلاد خلال كامل الفترة الحديثة نتيجة لغياب دراسة تاريخية شاملة تناولت وطن باجة. كما أن الاختيار على وطن باجة تم على أساس توجه الدراسات التاريخية إلى تناول التاريخ الجزئي أو المحلي حتى نستطيع بناء تاريخ شامل لا تشوبه التعميمات وذلك قصد التعرض إلى مميزات كل جهة وإبراز نقاط الاختلاف والتشابه بينها وبين بقية الجهات. أما دراسة السياسة الجبائية دون المواضيع الأخرى فإن ذلك يعود إلى كون الجباية تمثل المحور الأساسي الذي تدور حوله العلاقات الاجتماعية والسياسية في البلاد التونسية خلال الفترة الحديثة. فالجباية هي الأداة الوحيدة والأساسية التي تكشف لنا عن تطور عالقة “المحلي”بـ “المركزي” ودرجات الولاء والتمرد.