عثمنة مدينة القيروان ، وأثرها في معالم القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين ( 1557 – 1782 )

42د.ت

ركّزت هذه الدراسة على أهميّة القيروان الاستراتيجية في نظر العثمانيين، وعلى سعيهم منذ فترة مبكرة لضمّها واكتساب ثقة أهلها وكبار أعيانها بالتقرّب منهم وتقاسمهم شعور الدفاع عن الممالك الإسلامية من خطر التوسع الكاثوليكي. وتبيّن الدراسة الدور الريادي الذي كان لشيوخ الصلاح “القراوة” وخاصة الغريانيين منهم في مساندة التدخل العسكري العثماني، وطرد القوى الاسبانيّة من ولاية تونس في نهاية القرن 16 م. ومع دخول العثمانيين تغيّر واقع القيروان وتمكّن شيوخ الصلاح من لعب دور الوساطة بين الحكّام الجدد وبين مجال نفوذ زواياهم، ممّا جعل الأتراك يتقربون منهم ليتمكنوا من رفع صناجق الدولة العثمانية عبر التوسّع الطرقي في مجال الولاية السابق لحضورهم. كما تلاءمت المنظومة الإدارية القيروانية مع المنظومة العثمانيّة الجديدة، وتبنّت المذهب الحنفي وفتحت أبوابها للعنصر التركي الذي فَرَضَ ثقافته في إطار رسمي مدعوم من الدولة، لكنّه لم يتراجع في مسايرة ثقافة المحليين إلى حدّ الاعتقاد في شيوخ الصلاح وكرامتهم والاعتماد عليهم لحلّ مشكلة صعوبات الانتقال. وعرفت القيروان عثمنة إداريّة ومعماريّة دفعت بها إلى نهضة اجتماعية وتطوّرٍ ديمغرافي وعمراني، تشكّلت إثره صورة جديدة للقيروان العثمانيّة غير تلك التي كانت عليها في العهد الحفصي. ولا مراء أن الموروث الديني للقيروان ومكانتها الروحيّة القديمة وشهرة شيوخ صلاحها، كانت وراء استعادة المرتبة الأولى بداية من مغيب القرن السادس عشر، وتصدرها المرتبة الثانية بعد الحاضرة تونس في عهد الدايات والبايات المراديين والحسينيين.

ويطرح هذا الكتاب رُؤى جديدة تتعلق بتاريخيّة تشكّل وتطوّر أهم زوايا ومدارس مدينة القيروان. منها التي تقول إنّ تطوّر عمارة زوايا المدينة في العهد العثماني لم يكن بمنأى عن المكانة الدينيّة والاجتماعيّة لأصحابها، فزوايا الأعيان والصلحاء والصحابة المُعَمِّدَةِ للمدينة ومجالها قبل مجيء الأتراك استوعبت أشغال بناء وأضيفت لها مدارس لتصبح على شاكلة المركبات المعماريّة ذات الصحنين، في حين أن زوايا العائلات المتصوّفة والمخزنيّة المبنيّة خلال العصر الحديث تشكّلت حول صحن واحد احتل فيه عنصر “القبة” الجامعة لقبور الصلحاء وشيوخ الزوايا مساحة كبيرة. ويحتوي هذا الكتاب على دراسة مفصّلة للسّجلات الزخرفيّة، ولمختلف التأثيرات والتيارات الفنيّة التي ميّزت العمارة القيروانيّة في العهد العثماني وجعلتها تضاهي عمائر الحاضرة تونس وعمائر أكبر حواضر الإيالات العربية الأخرى.

 

التصنيف:

الوصف

ركّزت هذه الدراسة على أهميّة القيروان الاستراتيجية في نظر العثمانيين، وعلى سعيهم منذ فترة مبكرة لضمّها واكتساب ثقة أهلها وكبار أعيانها بالتقرّب منهم وتقاسمهم شعور الدفاع عن الممالك الإسلامية من خطر التوسع الكاثوليكي. وتبيّن الدراسة الدور الريادي الذي كان لشيوخ الصلاح “القراوة” وخاصة الغريانيين منهم في مساندة التدخل العسكري العثماني، وطرد القوى الاسبانيّة من ولاية تونس في نهاية القرن 16 م. ومع دخول العثمانيين تغيّر واقع القيروان وتمكّن شيوخ الصلاح من لعب دور الوساطة بين الحكّام الجدد وبين مجال نفوذ زواياهم، ممّا جعل الأتراك يتقربون منهم ليتمكنوا من رفع صناجق الدولة العثمانية عبر التوسّع الطرقي في مجال الولاية السابق لحضورهم. كما تلاءمت المنظومة الإدارية القيروانية مع المنظومة العثمانيّة الجديدة، وتبنّت المذهب الحنفي وفتحت أبوابها للعنصر التركي الذي فَرَضَ ثقافته في إطار رسمي مدعوم من الدولة، لكنّه لم يتراجع في مسايرة ثقافة المحليين إلى حدّ الاعتقاد في شيوخ الصلاح وكرامتهم والاعتماد عليهم لحلّ مشكلة صعوبات الانتقال. وعرفت القيروان عثمنة إداريّة ومعماريّة دفعت بها إلى نهضة اجتماعية وتطوّرٍ ديمغرافي وعمراني، تشكّلت إثره صورة جديدة للقيروان العثمانيّة غير تلك التي كانت عليها في العهد الحفصي. ولا مراء أن الموروث الديني للقيروان ومكانتها الروحيّة القديمة وشهرة شيوخ صلاحها، كانت وراء استعادة المرتبة الأولى بداية من مغيب القرن السادس عشر، وتصدرها المرتبة الثانية بعد الحاضرة تونس في عهد الدايات والبايات المراديين والحسينيين.

ويطرح هذا الكتاب رُؤى جديدة تتعلق بتاريخيّة تشكّل وتطوّر أهم زوايا ومدارس مدينة القيروان. منها التي تقول إنّ تطوّر عمارة زوايا المدينة في العهد العثماني لم يكن بمنأى عن المكانة الدينيّة والاجتماعيّة لأصحابها، فزوايا الأعيان والصلحاء والصحابة المُعَمِّدَةِ للمدينة ومجالها قبل مجيء الأتراك استوعبت أشغال بناء وأضيفت لها مدارس لتصبح على شاكلة المركبات المعماريّة ذات الصحنين، في حين أن زوايا العائلات المتصوّفة والمخزنيّة المبنيّة خلال العصر الحديث تشكّلت حول صحن واحد احتل فيه عنصر “القبة” الجامعة لقبور الصلحاء وشيوخ الزوايا مساحة كبيرة. ويحتوي هذا الكتاب على دراسة مفصّلة للسّجلات الزخرفيّة، ولمختلف التأثيرات والتيارات الفنيّة التي ميّزت العمارة القيروانيّة في العهد العثماني وجعلتها تضاهي عمائر الحاضرة تونس وعمائر أكبر حواضر الإيالات العربية الأخرى.

 

معلومات إضافية

الكاتب

مؤيد المناري

تاريخ النشر

2023

ISBN

978-9938-26-052-6

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “عثمنة مدينة القيروان ، وأثرها في معالم القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين ( 1557 – 1782 )”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *