مصطفى خزندار

30د.ت

وما علق في الذاكرة الجماعية بخزندار وبن عياد من فساد – بصرف النظر عن وجوده من عدمه – يعود إلى دور الشق المهيمن في دولة البايات، وتحديدا الذين أرّخوا لتلك المرحلة على غرار أحمد ابن أبي الضياف في ذلك الوقت علاوة على فعل القوى الأوربية المسيطرة آنذاك وخاصة منها الفرنسية التي أرادت تقديم صورة قاتمة عن الوزراء الذين لم ينخرطوا في سياستها وهو ما عكسه – فيما بعد – كتاب جون قانياج “حول جذور الحماية”، والذي يقدسه الكثير إلى حد عدم الجرأة على نقده أو مراجعة ما كتبه. وبنفس الطريقة حاول الفاعلون خلال فترة الرئيس الحبيب بورقيبة بناء ذاكرة تختزل أزمة ستينات القرن العشرين في أحمد بن صالح، وأزمة منتصف الثمانينات في محمد مزالي، لتبقى في مقابل ذلك صورة “المجاهد الأكبر” ناصعة لا تشوبها شائبة. ويبدو حينئذ أنّ الذاكرة تشتغل بنفس الطريقة في كل الفترات، وتصنّف بنفس الآليات، وتعيد ترتيب الأحداث بشكل يوهم أن “التاريخ يعيد نفسه”. وفي الحقيقة إنما هي الذاكرة التي تعيد الأحداث للواجهة حسب طبيعة المرحلة التي يعيشها المجتمع، وتصقلها كلوحة تنسجم مع الإطار العام الجديد، وتصبح والحال تلك مهمة المؤرخ شاقة وعسيرة عندما يسعى لتغيير الصورة النمطية التي نحتتها الذاكرة، وعلقت بالمخيال الجمعي مما يحتّم عليه أن يتسلّح بمستلزمات البحث التاريخي، وينطلق من تلك الصورة ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الأشياء ليقترب قدر الإمكان مما يعتبره الحقيقة أو ما يشبهها ذلك أن إدراك الحقيقة التاريخية صعب المنال بل هو من المستحيل.

100 متوفر في المخزون

التصنيف:

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “مصطفى خزندار”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *